عزيزي القارئ، إن كنت تعمل في مجال التخطيط الاستراتيجي أو الإدارة عموماً فبالتأكيد أنك سمعت كثيراً بمصطلح Strategic Alignment أو المحاذاة الاستراتيجية و تساءلت عن معناها، و لكي أبسط لك الموضوع تخيل أنك تقود سيارة باتجاه هدف ما، هل توافق معي أن كل أجزاء ومكونات السيارة تعمل في هذا الوقت على ايصالك لهذا الاتجاه (والذي طبعاً تشير إليه باستخدام مقود السيارة)؟
إذاً هناك سؤال أساسي يجب أن يطرحه كل مدير وكل موظف على نفسه كل يوم: هل ما أقوم به (سواء كان عملاً روتينياً أو مشروعاً أو غيره) يساهم في تحقيق رؤية و الأهداف الاستراتيجية للشركة؟
إذا كانت الإجابة بنعم فعندها نقول أن هناك تحقيق للمحاذاة و الانسجام الاستراتيجي في المؤسسة، أما إذا كانت الإجابة ب “لا” أو “لا أعلم” فعندها يجب أن نعيد النظر في هذا العمل الذي نقوم به
ولو عدنا مرة أخرى لمثال السيارة فأنت تتفق معي بالتأكيد أنه لو شذّ أي جزء من هذه الأجزاء عن العمل المطلوب منه نتيجة عطل ما، لربما أدى ذلك إلى انحراف السيارة عن مسارها أو وقوفها كلية أو تأخر وصولها.
فإذا كنت مديراً فأنا أنصحك بالفعل أن تعقد اجتماعاً دورياً و يفضل أن يتم بشكل أسبوعي مع فريق عملك و تطرح عليهم هذ السؤال “هل ما نقوم به يساهم في تحقيق رؤيتنا و أهدافنا الاستراتيجية؟”، فإذا كانت الإجابة بنعم فالسؤال الذي يتبع ذلك هو “كيف”، و إذا كانت الإجابة ب”لا” فالسؤال التالي هو “لماذا” و من ثم اترك باب النقاش مفتوحاً لترى و تتأكد بالفعل أنه هناك من الأعمال ما يجب حذفه بالكلية و منها ما ينبغي تعديله ومنها ما ينبغي تعزيزه.
ومن القصص التي تحضرني دائماً أنه يحكى عن رئيس الولايات المتحدة جون كينيدي أنه كان مرة في إحدى السهرات المتأخرة في البيت الأبيض يناقش مع فريق عمله سبل نجاح مشروع الصعود إلى القمر، و عند انتهاء الاجتماع و أثناء خروج الفريق فوجؤوا بوجود عامل نظافة يعمل، فسأله الرئيس ماذا تفعل في هذا الوقت المتأخر؟! لم يجبه العامل “أنا أعمل” أو “أنا أقوم بالتنظيف” بل أجابه إجابة صحيحة تماماً وملهمة فقال “أنا أساهم في وصول رجالنا إلى القمر”
نعم، فمهما كان العمل الذي يقوم به العامل أو الموظف بسيطاً في الشكل ولكنه لبنة في بناء مكتمل الأركان ولربما سقط البناء بدون هذه اللبنة
وقد كنا قد طورنا إحدى الأدوات الإدارية في شركة كروس أوفر بهدف مساعدة الشركات و المؤسسات على التأكد من وجود هذه المحاذاة الاستراتيجية في جميع أعمالهم، و تركز هذه الأداة على ما يلي:
- مراجعة وتقييم الخطة الاستراتيجية القائمة و القيمة التي تسعى الشركة أو المؤسسة لتحقيقها عن طريق أهدافها الاستراتيجية، إذ لا يستقيم أن تطالب بمحاذاة استراتيجية، مالم تكن استراتيجيتك وأهدافك واضحة ومقبولة ومتفق عليها من جميع المعنيين
- بناء أو إعادة بناء و تنظيم محفظة أو محافظ الأعمال Portfolios بشكل يضمن احتوائها على البرامج Programs و المشاريع Projects التي تقود التغييرات المطلوبة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية
- وضع خطة لإدارة وقياس الأداء Performance Management Plan و التي تشمل تحديد و قياس مؤشرات الأداء الأساسية على مستويات الأهداف الاستراتيجية، المحافظ، البرامج و المشاريع للتأكد من تحقيقها للقيمة المحددة
- وضع خطة ونظام لتسهيل متابعة إودارة وقياس الخطة الاستراتيجية و نتائج تطبيقها بما يضمن فعاليتها ومراجعتها المستمرة لاتخاذ أي تغييرات لازمة
- وضع خطة لقيادة وعي و تغيير ثقافي في بيئة العمل يشجع الموظفين على المراقبة و المراجعة الذاتية لتحقيق المحاذاة الاستراتيجية
- تحديد مراجعات دورية لتقييم الأداء واتخاذ الإجراءات التصحيحية و الوقائية اللازمة
التخطيط الاستراتيجي مهم ومهم جداً لأي شركة أو مؤسسة ولكنه في نفس الوقت أيضاً يمكن أن يصبح عبئاً كبيراً إذا لم تتم إدارته وتطبيقه بالشكل الصحيح، ويصبح تنفيذ الاستراتيجية ضرب من ضروب المحال، بل ومن الوارد جداُ أن يفشل تطبيق الاستراتيجية بشكل كامل كما ذكرت في مقالي لماذا يفشل تطبيق الاستراتيجية
كما يمكنك قراءة المزيد عن التخطيط الاستراتيجي من مقالي التخطيط الاستراتيجي، قيادة السيارة مثالاً