كيف تأكل فيلا؟! إدارة المشروعات نموذجًا

في إحدى محاضراتي في إدارة المشاريع، طرحتُ سؤالًا مفاجئًا وهو: كيف تأكل فيلاً؟!

ربما ظن البعض أني أمزح وأخرج عن السياق قليلاُ لتغيير جو المحاضرة، وآخرون بدؤوا يفكرون لماذا نأكل فيلًا؟ والبقية بدؤوا بالفعل يبحثون عن إجابة، فمنهم من قال نشويه، ومنهم من قال نضعه في ثلاجة، وهكذا… والحقيقة أن الجواب البسيط هو أنك بالطبع تحتاج إلى تقطيع الفيل إلى قطع أو لقم صغيرة كي تستطيع أن تأكله، بغض النظر كم سوف تستغرق معك عملية التقطيع والأكل. أما الهدف من سؤالي فكان التقديم إلى أهم عملية -برأيي الشخصي- من عمليات إدارة المشاريع وهي عملية إنشاء بنية الأعمال الجزئية (Work Breakdown Structure (WBS.

لا شك لدي، أن المشروع من أنواع الفيلة فهو عدد كبير من الأعمال التي نريد أن نقوم بها لتخرج لنا عدد كبير من المُخرجات، وهناك الكثير من الأشخاص الذين سوف ينخرطون في هذا العمل إيجابًا أو سلبًا، فكيف أستطيع أن أسيطر على هذا الفيل؟

كيف أتأكد أنني لن أنسى التخطيط لأي مُخرج من المخرجات المطلوبة وتحديد الأعمال التي أريد القيام بها لكي أحصل على هذا المخرج؟ ثم كيف أستطيع أن أوزع هذه الأعمال على الفريق، بحيث تكون حدود مسؤولياته واضحة؟

كيف أتأكد أن تقديري للزمن اللازم لإنجاز العمل والتكلفة وغيرها من المحددات تقدير أقرب ما يكون للدقة، ما لم أقم بهذه العملية، عملية التقطيع أو التجزيء Decomposition؟

لو أن مشروعي كان على سبيل المثال إنشاء موقع إلكتروني لإحدى الشركات العقارية، وطلبتُ منك الزمن اللازم لإنجاز المشروع والتكلفة والمخاطر والموارد المادية والبشرية التي تحتاجها، فغاية ما تستطيع أن تفعله هو أن ترمي لي أرقامًا معتمدًا على خبرتك العملية من المشاريع السابقة التي خضتَها، وهذه الأرقام بالتأكيد ليست دقيقة على الإطلاق، تستطيع أن تضعها في ميثاق المشروع، لكن لا تستطيع أن تعتمد عليها أبدًا في التخطيط. إذن ماذا يتوجب عليك أن تفعل؟ بكل بساطة التقطيع والتجزيء، ألم تسمع بالمثل الذي يقول “فرق تسد”؟!

تعال نجزئ هذا المشروع إلى أجزاء أصغر، ما هي الصفحات التي تريدها في هذا الموقع وما هي الخدمات التي تريد تخصيصها وعرضها في كل من هذه الصفحات؟ لنفرض مثلاً أنه نتج لديك عشر صفحات ولتكن إحداها تعنى بشرح ما هي الشركة وتاريخها ورؤيتها ورسالتها وبعض أعمالها، والأخرى تعنى بالبحث عن العقار وتحديد موقعه على خرائط جوجل، والثالثة تعنى بتقديم النصائح للعملاء عن كيفية اختيار العقار المناسب وهلم جرًا، فلو سألتك الآن من سيكون مسؤولًا عن إنجاز الصفحة الأولى وكم سيتطلب إنجازها من وقت وما هي الموارد التي تحتاجها لإنجازها وما هي التكلفة المقدرة للإنجاز وغيرها من الأسئلة لاستطعت أن تعطيني إجابات أدق بكثير من السيناريو الكلي، وهذه هي الفائدة الأساسية من WBS.

WBS

والغريب في الأمر أنني عندما بدأت عملي كمدير مشروع وابتدأت بإنشاء WBS للمشاريع التي كنت أقوم بإدارتها، تغيرت طريقة تفكيري حتى في حياتي الروتينية، إذا بت دائما أعمد إلى تفكيك أي مشكلة تواجهني أو أي قرار أود اتخاذه إلى قطع وأجزاء صغيرة، أتعامل مع كل منها على حدة، ولا أخفيكم أن النتائج كانت طيبة إلى حد كبير.

جرب ذلك واستمتع فعلًا و”فرق تسد”، ولكي تزيد المتعة تستطيع أن تستخدم إحدى البرامج البسيطة لإنشاء هذه البنية كبرنامج WBS Pro أو غيره من البرامج المجانية مثل WBSEditor، فهي تسهل لك الأمر بشكل كبير جدًا، أو إحدى برامج التخطيط الذهني Mind Mapping لأن التخطيط الذهني هو في الحقيقة أيضًا نوع من أنواع إنشاء WBS.

تابع هذه المحاضرة المسجلة من أحد دوراتنا عن إعداد WBS

4 thoughts on “كيف تأكل فيلا؟! إدارة المشروعات نموذجًا

  1. السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

    نعم ان تجزئة نشاط كبيرة إلى إجزاء صغيرة يسهل السيطرة و التحكم و الجودة لكل نشاط صغير وبالتالي سوف نحصل على نتائج افضل بكل تأكيد

    شكرا لكم

  2. مقالاتك رائعة و عملية أخي بيهس بس يا حبذا المثال كان بقرة مثلا او جمل لكي نستطيع أكله في النهاية …

اترك رداً على قصي إلغاء الرد

%d مدونون معجبون بهذه: