عزيزي القارئ، لو سألتني اليوم، ماهي أهم مهارة يجب أن يمتلكها أي شخص، وخاصة رواد الأعمال والقادة، لقلت لك بدون تردد الذكاء العاطفي، و قد تعتقد أخي القارئ أن المصطلح نفسه قد يبدو خادعاً بعض الشيء، اذ أن الذكاء يبدو للوهلة الأولى متعارضاً مع العاطفة، فقد يطغى عليها أو تطغى عليه وكثير ما يوصف الأذكياء بأنهم يبتعدون عن العاطفة في اتخاذ قراراتهم أو أنهم ربما عديمو العاطفة، بينما قد يتأثر بعض الأشخاص بالعواطف كثيراً وتمنعهم من اتخاذ القرارات الصائبة.
أما الحقيقة فهي أن المصطلح يشير إلى شيء مهم جداً وهو قدرتك على فهم و التحكم بعواطفك وعواطف من حولك بذكاء، وبمعنى آخر، قدرتك على الابتعاد عن النموذجين الخاطئين الذين ذكرناهما في الأعلى، فلا يجوز أن تكون عقلاً مجرداً من أي عاطفة كجهاز الحاسب الآلي عند اتخاذ قراراتك، و لا يجوز أيضاً أن تدع عاطفتك تطغى فتؤدي إلى اتخاذ قرارات بدون التفكير المنطقي و السليم
تخيل معي أيها القارئ العزيز مثلاً، أن قبطان السفينة جاءه خبر وفاة أحد أولاده وهو يقود السفينة في عاصفة، هل يسمح لحزنه أن يسيطر عليه و على تفكيره فلا يدري كيف و بأي اتجاه يقود، أم يسيطر على هذه العاطفة تماماً و يتحكم بها فلا يلهيه حزنه الشديد عن متابعة القيادة و النظر إلى القراءات المختلفة و تحليل الموقف بشكل سليم لاتخاذ القرارات الصحيحة؟
ولذا لا عجب أن أوصى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ذلك الرجل الذي جاء يستوصيه بوصية واحدة فقط، قد يظنها البعض تافهة ولكنها في الحقيقة من أعظم الوصايا، عندما قال له “لا تغضب”، فعندما يسيطر الغضب على العقل تحصل الكارثة، وعندما يستيقظ العقل لاحقاً يكون الأوان قد فات و لات ساعة مندم
وبالعودة إلى الذكاء العاطفي، نجد أن الموضوع يفسر ببساطة وفق هذه المصفوفة:
والتي تشير إلى المحاور الأربعة التالية:
- القدرة على الإدراك الذاتي، وبازدياد هذه القدرة تستطيع أن تقيم نفسك ذاتياً وتفهم عواطفك الداخلية وتزداد ثقتك بنفسك
- القدرة على الإدراك الاجتماعي وفهم الآخرين وعواطفهم، وبازدياد هذه القدرة لديك تستطيع أن تفهم عواطف من حولك ودوافعهم وتركز عليها كما يزداد إدراكك لمشاعرهم السلبية و الايجابية و رغبتك في مساعدتهم
- القدرة على التنظيم الذاتي، وبازدياد هذه القدرة تستطيع أن تركز على تطوير امكانياتك والتكيف مع المحيط الاجتماعي وتزداد لديك الشفافية وروح المبادرة و القدرة على ضبط النفس في المواقف الصعبة
- القدرة على التنظيم الاجتماعي، وبازدياد هذه القدرة تستطيع أن تدير علاقات ناجحة مع الآخرين وأن تؤثر بهم وتقودهم باتجاه تحقيق رؤيتك وتكون حافزاً لهم للتغيير وصناعة التغيير
ترتبط هذه المحاور الأربع مع بعضها البعض، وتتفاعل فيما بينها بحيث كلما زادت قدرتك على فهم ذاتك ودوافعها كلما فهمت الآخرين ودوافعهم و استطعت تحسين نفسك وقيادة الآخرين بشكل فعال
والآن هل تستطيع أن تعطي نفسك تقييماً على هذه المصفوفة؟ وماهو رأيك فيها؟
شاركونا بآرائكم
مبدع يا استاذي الفاضل بإيجازك وفهمك العميق لما تريد ان تخاطب به الإنسان.
مقال مختصر و بسيط يعرف بالموضوع واساسياته . جزاكم الله خيرا