أظن أنني أستطيع أن أقول أنني من أوائل، وربما أول، من استخدم أدوات التعليم الالكتروني المختلفة في التدريب على إدارة المشاريع، فقد قمنا بتصميم وتنفيذ منصة للأسئلة الخاصة بالتدريب على امتحان PMP ضمن موقعنا الالكتروني في عام 2009، حيث كنا ننشأ للمتدربين حسابات يمكنهم من خلالها الدخول و تجربة عدد محدد من الأسئلة و الحصول على تقرير مشابه لتقرير الامتحان.
بعدها بفترة قليلة بدأت باستخدام منصة Wiziq للتدريب التفاعلي عن بعد، وكما أذكر في ذلك الوقت كان السبب الذي دفعني لذلك الظروف الصعبة التي كانت البلد التي أقيم فيها تمر بها و التي جعلت من التنقل اليومي و استخدام المواصلات أمراً بالغ الصعوبة، و من ثم وبعدها أيضاً بفترة قصيرة شدتني قصص النجاح على موقع يوديمي Udemy.com فقمت بعمل أول دورة تدريبية لي على الموقع باللغة الانكليزية ثم اتبعتها باللغة العربية، وقد كانت –ولازالت- بفضل الله نجاحاً باهراً إذ تخطى عدد المتدربين الذين التحقوا بدوراتي العشرين ألف متدرب موزعين على أكثر من مئة دولة في العالم.
وعلى الرغم من مضي حوالي العشر سنوات على هذه التجربة، لازلت أجد أن هناك تحدياً حقيقياً يكمن في تقبل التعليم الالكتروني في بلادنا، بينما يكون الأمر أسهل من ذلك بكثير عند المتدربين الأجانب بسبب ربما طبيعة الخلاف الثقافي و التقدم التقني.
أنا لا أزعم على الإطلاق أن التعليم الإلكتروني أفضل من التعليم التقليدي في غرفة الصف، بل أنا مقتنع و بشدة أنه لا أفضل من اجتماع المدرب مع المتدربين وجهاً لوجه، حيث يستطيع أن يكون التفاعل على أشده وفي أقصى حالاته، و يكفي من المدرب نظرة إلى عيون المتدربين، كي يعرف فيما إذا كانوا يتابعونه باهتمام، أم أنهم يشعرون بالملل، فيقوم بتغيير الموضوع أو إضافة نكتة، أم ربما يحتاجون لاستراحة قصيرة.
لكن ما أستطيع أن أقوله أن في التعليم الالكتروني الكثير من الميزات التي تجعله منافساً و بقوة للتعليم التقليدي، بل ويكون أحياناً الحل الوحيد للأشخاص الذين لا يستطيعون بسبب انشغالاتهم أو نمط حياتهم الحضور إلى غرفة الصف، مثلاً:
- الشخص الذي لا يملك وسيلة مواصلات خاصة، ويكون استخدام المواصلات العامة أمر مرهق له
- ربة البيت التي لا تستطيع ترك أطفالها فترة طويلة من الزمن
- الشخص الذي تمنعه ظروفه الصحية من التنقل بشكل كبير
- الشخص الذي على سفر متواصل بسبب طبيعة العمل أو لأي سبب آخر
ومع ذلك هناك أيضاً الكثر ممن يستخدمون التعليم الالكتروني -وأنا منهم- بسبب كثرة الإنشغالات، وليس تفضيلاً له. فباستخدام التعليم الالكتروني يمكنني أن أحصل على جرعة سريعة من المعلومات في فترة لا تتجاوز 5 أو 10 دقائق ربما أقضيها في المواصلات أو أثناء الانتظار في بنك أو مكتب حكومي أو غيره، وحقيقة هذه من العادات الممتازة التي بدأت التعود عليها وهي تضاهي عادة حمل كتيب صغير في جيبك تستطيع أن تتابع القراءة منه في أي مكان تكون فيه.
ولكن و لكي يكون التعليم الالكتروني فعلاً مثمراً، فهذه وجهة نظري كطالب متدرب، وهو ما سأسعى لتحقيقه دائماً كمدرب إن شاء الله:
- الأفضل أن يكون وجه المدرب أو الاستاذ ظاهراً عند الكلام و بشكل واضح، فهذا يزيد من انتباه المتدرب كما أننا نعلم أن هناك لغة أخرى غير منطوقة هي لغة العيون و حركات الوجه و هي مهمة أيضاً. تأكد من استخدام ويب كام بنوعية ممتازة
- الصورة والتسجيل يجب أن يكون بدقة عالية وواضح جداً. تأكد من أن التسجيل يتم بدقة لا تقل عن 720 بكسل، و هذا أيضاً مهم جداً لسهولة المتابعة و الفهم و الاندماج من قبل المتدرب
- أهم ما يجب أن تعتني به في التعليم الالكتروني جودة الصوت. أحياناً و رغم أن المادة المقدمة دسمة و لذيذة، إلا أنني أتركها بعد دقائق معدودة بسبب رداءة الصوت أو وجود صدى واضح أو تشويش يمنع التركيز. تأكد من أنك تستخدم لاقط صوتي احترافي و أنك موجود في مكان لا يوجد فيه تشويش أو يسمح بالصدى
- تخيل كل الأسئلة التي يمكن أن يطرحها عليك أي متدرب يستمع إليك، وقم بالإجابة عليها. تذكر أنه إذا كانت المحاضرات مسجلة فلن يتسنى للمتدرب سؤالك، لذا حاول أن تغطي كل الأسئلة المتوقعة من المتدرب
- لا تزد مدة المحاضرة الواحدة المسجلة، عن 5 دقائق. كما ذكرت هذا مثالي للأشخاص الذين مثلي يحبون الجرعات الصغيرة و المركزة من المعلومات
- ابتعد عن الإطالة قدر الإمكان. تذكر أن المتدرب لا يمكنه التفاعل معك، وبالتالي يمكن لأي شيء أن يشتت انتباهه. التطويل من الأمور التي تجعل المتدرب ينصرف انتباهه عنك بسرعة
- حاول أن تزود المتدربين بالمادة العلمية قبل بدء المحاضرة فهذا يسهل عليهم الاطلاع المسبق عليها وطباعتها في حال رغبوا في ذلك. وربما ترتيب أفكارهم كي يكون لديهم أسئلة جاهزة يطرحونها
- أضف قدر الإمكان أسئلة و تمارين، كي تحافظ على شد انتباه المتدربين، و كذلك كي تقيس نتائج العملية التدريبية و تتخذ ما يلزم لتصحيحها إن لزم الأمر
- كن حاضراً للاستجابة السريعة في أي وقت. لا أفضل من أن يحصل المتدرب على جواب لسؤاله بأسرع وقت ممكن من المدرب
- تأكد من استخدام منصة التدريب المناسبة التي تعمل بكفاءة عالية و توفر أدوات التفاعل المطلوبة من لوح الكتروني و غيره و التي تدعم أكبر قدر ممكن من المستعرضات المختلفة و تعمل في أبطء ظروف الانترنت، فلا شيء أسوأ من انقطاع الصوت أثناء التدريب أو عدم القدرة على الدخول إلى الصف الالكتروني
- تأكد من أنك تستخدم منصة الكترونية بسيطة و سهلة الاستخدام إلى أقصى درجة ممكنة، فأنت لا تريد أن يتحول الموضوع إلى تدريب على استخدام المنصة التدريبية. قد تضطر بالفعل في بعض الأحيان لشرح طريقة استخدام المنصة للمتدربين في أول جلسة
- تأكد من وجود احتياطي لديك كجهاز كمبيوتر آخر وطريقة وصول أخرى للانترنت، فأنت لا تدري ما قد يحصل أثناء التدريب -قانون ميرفي-
في النهاية أنا أرى أن التعليم الالكتروني لابد سيفرض نفسه لما له من ميزات، و من الأفضل لنا أن نستعد له بشكل جيد، وخاصة في مدارسنا وجامعاتنا، حيث ستتحول الأمور تدريجياً إلى مفهوم الصفوف المعكوسة flipped classes حيث يعطى الطلاب أفلاماً ودروساً مسجلة كي يتابعوها في البيت وتصبح المدرسة أو الجامعة فقط لحل الواجبات و التدريب العملي بإشراف و تيسير المعلمين، وهذا مما سيحسن من مخرجات التعليم بشكل كبير جداً إن شاء الله تعالى
أنا أشاطرك الرأي بأن التعليم الالكتروني جيد لغير المتفرغين أو لمتابعة مانقص لدينا أثناء التحصيل الأكاديمي
ولكن السؤال هل هناك تعليم الكتروني يسمح بمتابعة التعليم الأكاديمي من الدرجات الأدنى الى الدرجات الأعلى
نعم الجامعات التي تقدم برامج كاملة (بكالوريوس -ماستر- دكتوراة) عن طريق الأون لاين أصبحت لا تعد و لا تحصى
لقد أضفت لنا كثيرا من ميزات التعليم الإلكتروني . وهذا يزيد من اهتمامنا بهذه الوسيلة البديلة. والتي ستنافس حقا التعليم التقليدي. وقد ذكرتم هذه الفكرة أيضا . دمتم متميزين مبتكرين
شكرا لمروركم