إذا كنت تعمل عزيزي القارئ في إدارة المشاريع فأنت تعرف بالتأكيد أهمية إدارة المشتريات لعملك، فلا يكاد يخلو أي مشروع من الحاجة لشراء إما بعض المواد الأولية أو المعدات أو التعاقد مع بعض المقاولين لإنجاز بعض الخدمات، وكل ما ذكر يحتاج لاتفاق agreement و كل اتفاق يعتبر مشتريات procurement. وفي هذه الحالة نسمي المؤسسة الطالبة للخدمة ممثلة بمدير المشروع المشتري buyer و نسمي المقاول مقدم الخدمة البائع seller أو vendor أو contractor
ومن المهم عزيزي القارئ أن تعلم أن الاتفاقيات و العقود تصاغ بين الطرفين بناء على قاعدة أساسية و بسيطة تقول “تزداد المكافآت المحتملة بزيادة المخاطر المحتملة” يدعمها قاعدة أخرى تقول “تزداد المخاطر المحتملة بزيادة الغموض والصعوبة في العمل المطلوب إنجازه”، وإذا أردنا أن نبسط عملية الشراء، نستطيع أن نقول عنها “هي عملية مقايضة بين المخاطر و المنافع بين البائع و المشتري” ولكي نفهم هذه القواعد لنفترض أنك أنت المشتري buyerأو مدير المشروع الذي يمثل المشتري ولديك أحد السناريوهات التالية:
- العمل صعب الإنجاز فنياً بالنسبة لك، لأنه لا تتوفر لدى فريقك الخبرة الفنية للقيام به
- العمل واضح بالنسبة لك و لديك الخبرة للقيام به لكن لا يتوفر لديك الفريق الكافي لإنجاز العمل في الوقت المحدد
- العمل واضح بالنسبة لك و لفريقك، لكن تكلفة الإنجاز ستكون مرتفعة عليك لعوامل مختلفة، مثلاً أنت تعطي مرتبات مرتفعة لفريقك بينما العمل سيتم في بلد يتم فيه توفير العمالة بتكلفة أقل بكثير
تمثل السيناريوهات الثلاث أعلاه أنواع مختلفة من المخاطر التي يتعرض لها المشروع فالسيناريو الأول يمثل خطراً على نطاق العمل scope risk و السيناريو الثاني يمثل خطراً على الجدول الزمني schedule risk و السيناريو الثالث يمثل خطراً على التكلفة cost risk
لتخفيف هذه المخاطر ونقلها إلى من قد يكون على استعداد أكبر منا للتعامل معها سنلجأ إلى المقاول “البائع” والذي سيقبل هذه المخاطر بحثاً عن المنافع المحتملة (أرباح مادية، سمعة، إضافة إلى السيرة الذاتية…الخ) .
وهنا قد يبرز لدينا خطر جديد، ماذا لو لم يكن المقاول على مستوى الكفاءة المطلوب لأداء العمل؟ يسمى هذا الخطر الجديد الذي نشأ عن ردة فعلنا على الخطر الأساسي بالخطر الثانوي secondary risk و يحتاج طبعاً أن نضع خطة للتعامل معه من قبيل اتخاذ كل الإجراءات للتأكد من التعامل مع المقاول الصحيح القادر على إنجاز العمل المطلوب.
بعد أن قررنا أن نلجأ إلى المقاول تظهر لدينا الآن مقايضة جديدة بين المخاطر و التكلفة بنتيجة إحدى السيناريوهات التالية:
- العمل المطلوب إنجازه واضح وحدوده و متطلباته واضحة: في هذه الحالة سنحاول الاتفاق مع المقاول الذي يعطينا أقل سعر مع تحقيق شروط الجودة و الوقت و الانجاز. الاتفاق العادل سيبنى على سعر ثابت يرضي الطرفين Fixed Price. باتفاقي مع المقاول على مبلغ ثابت أحمي نفسي من خطر أي تغيير في التكلفة بينما يتحمل المقاول هذا الخطر، ولذا يتوجب عليه دراسة العمل جيداً و تقديم سعر مدروس
- العمل المطلوب إنجازه غير واضح و متطلباته فيها الكثير من التغييرات المحتملة: في هذه الحالة سيتردد المقاول كثيراً في قبول العمل، إذ أن التغييرات الكثيرة ستؤدي إلى زيادة التكلفة عليه و بالتالي قد يخسر أكثر من المبلغ الذي سيتلقاه، وبما أنني أرغب أن أحافظ على علاقة جيدة مع المقاول ليؤدي العمل بأفضل ما يمكن، يجب أن أحميه من خطر التكلفة التي قد ترتفع عليه. لذا سأفكر في هذه الحالة بعقد من نوع “التكلفة + مبلغ ما” أو Cost Reimbursable حيث سأعد المقاول بتغطية تكاليفه التي سيقدمها لي أصولاً بفواتير رسمية، و عند انتهاء العمل سأقوم بإعطائه المبلغ الإضافي الذي اتفقنا عليه. هنا تحملت أنا خطر التكلفة بينما لم يعد المقاول يتحمل هذا الخطر. يجب أن أتأكد في هذه الحالة من صدقية الفواتير التي يتقدم بها المقاول لتعويضها.
وهنا قد تتساءل أخي القارئ، هل هناك من طريقة لتشجيع المقاول على خفض تكلفته، و بالتالي تكلفتنا؟ و الجواب نعم، حيث يتم الاتفاق بعقد من نوع التكلفة+حافز أو Cost+Incentive، نحدد فيه رقماً لإنجاز العمل المطلوب، فإذا قلّت التكلفة عن هذا الرقم، يتم تقاسم المبلغ الذي تم توفيره مع المقاول بنسب يتم الاتفاق عليها.
- العمل المطلوب إنجازه واضح ولكن حدوده الزمنية غير واضحة، أي أنني أحتاج خدمات المقاول لكن لأجل غير معروف تماماَ، في هذه الحالة سأفضل أن أتفق مع المقاول على مقايضة التكلفة بالزمن، و بالتالي سيكون العقد من نوع “الزمن و المواد” أو Time & Materials حيث سأعطي المقاول عن كل يوم (أو ساعة) مبلغاً ثابتاً مع توفير مستلزمات العمل materials. هنا أتحمل أنا أيضاً خطر التكلفة، بينما لا يتحملها المقاول، ولتخفيف هذا الخطر يفضل أن أتفق مع المقاول على سقف زمني لإنجاز العمل أو ما يسمى شرط Not to Exceed.
هذه الصورة توضح كيفية التوازن بين المخاطر و الأنواع المختلفة من العقود، بفرض أنك المشتري و تعمل لدى جهة حكومية
هذه عزيزي القارئ أساسيات المشتريات و العقود و لها تفصيلات كثيرة جداً، لعلنا نتناولها في مقالات قادمة إن شاء الله تعالى
المهندس المحترم : لدي استفسار سريع ، هل يقبل معهد pmi شهادة الخبرة باللغة العربية في حال طلبها من المتقدم لان الشركة التي أعمل بها الآن شركة حكومية واللغة الرسمية في معاملاتها هي اللغة العربية وهل ترجمة الشهادة التي تثبت ممارسة دور في مشروع معين من قبل أحد مكاتب الترجمة تفي بالغرض مع إرفاق الأصل الذي هو باللغة العربية
بحسب علمي تقبل باللغة العربية
هل دورة إدارة المشاريع الاحترافية المقررة من طرفكم ستكون باللغة العربية
نعم اعتدنا على أن نقدم الشرح بالمادة العربية مع كون المادة العلمية باللغة الانكليزية
مقال رائع و اسلوب سهل في عرض المعلومة. شكرا مهندس بيهس.
جهد مبارك.. في ميزان اعماكم ان شاء الله
شكراً جزيلاً