ربما مر معك عزيزي القارئ المهتم بإدارة المشاريع كلمة الزيادة (increment) والتي تأتي غالباً في سياق الكلام عن المنهجيات الرشيقة agile، فما المقصود بها؟
“الزيادة” تعني الإضافات التي يقوم بها فريق المشروع على المنتج الذي يتم العمل على بنائه في نهاية كل فترة تكرارية iteration. هذه “الزيادة” تكون غالباً الميزات والوظائف التي تمت إضافتها إلى المنتج عند الانتهاء من فترة العمل الحالية، والتي تعطيه قيمة value إضافية.
وبالتفصيل فإن المشروع عادة في المنهجيات الرشيقة يتم تقسيمه إلى فترات زمنية قصيرة لتسهيل إدارته والتعامل مع التغييرات التي يمكن أن تطرأ عليه. يقوم العميل أو مدير المنتج product owner أو من يمثل العمل business representative بتحديد ماهي الوظائف والميزات التي يجب أن تتوفر في المنتج ويضعها في وثيقة تسمى سجل المنتج product backlog مرتبة حسب الأولوية والأهمية التي يراها مناسبة.
عندما يبدأ فريق المشروع بالتخطيط للعمل في الفترة التكرارية القادمة، يقررون بالتفاوض مع ممثل العميل ماهي الميزات والوظائف التي سيتم أخذها من سجل المنتج ويستطيعون إضافتها للمنتج الذي يتم بناؤه ضمن الوقت المحدد وبأي ترتيب، هذا الاجتماع يعقد عادة في أول يوم من الفترة التكرارية iteration.
فإذا انتهت الفترة التكرارية، يتم الاجتماع مرة أخرى مع ممثل العميل لعرض “الزيادة” التي تم الانتهاء من بنائها وتجربتها بما فيها من وظائف ومميزات وأخذ الموافقة عليها فيما يسمى باجتماع المراجعة review. طبعاً قد يرى العميل أن بعض هذه الوظائف والمميزات لم تنجز بشكل مقبول وبالتالي يتم إعادتها للسجل كي يتم العمل عليها في فترات تكرارية لاحقة.
الذي دعاني اليوم للكلام عن هذا الموضوع، خاطرة خطرت لي. أليس كل يوم بالنسبة لنا هو فترة تكرارية iteration تبدأ مع طلوع الشمس وتنتهي مساء؟ كيف يمكن أن نسقط المقاربة الإدارية التي ذكرناها على هذه الفترات التكرارية في حياتنا؟
فكّر دائماُ بالزيادة التي تريد أن تضيفها في يومك، ولعل أنسب وقت للتفكير وتحديد هذه الزيادة هو وقت الفجر في بداية اليوم أو نهاية اليوم السابق له، وتأكد أن هذه الزيادة لها قيمة value ذات أولوية.
مثلاً ماهي القيمة التي سوف تضيفها اليوم لنفسك أو لعائلتك أو للعمل أو للمجتمع، أو لهم كلهم جميعاً. ولتكن “زيادة” واضحة ومحددة وقابلة للقياس إن استطعت، لأنك في نهاية اليوم تحتاج أن تراجع هذه “الزيادة” وتقرر فيما إذا كانت تحققت أم يتوجب عليك ربما إعادتها إلى “سجل المنتج” والعمل عليها في اليوم التالي.
ضع في ذهنك دائماً أن كل يوم يمر بك بدون “زيادة” يعتبر ضائعاً وهذا ماورد في الأثر: قال الحسنُ البصريُّ – رحمه الله: “ما من يوم ينشقُّ فجره إلا ويُنادي: يا ابن آدم أنا خلقٌ جديد، وعلى عملك شهيد، فتزوّد منِّي فإني إذا مضيتُ لا أعود .. إلى يوم القيامة”..
جعلني الله وإياكم في زيادة دائماً من كل خير وفي نقص من كل سوء وشر، ولنتفكر دائماً كيف نسقط هذه العلوم الإدارية الجميلة على حياتنا العادية