يسألني أحد المتحمسين، كيف أبدأ مشروعأ بدون رأس مال؟
حسناً يا صديقي، الإجابة المختصرة أنك لا تستطيع أن تبدأ أي مشروع بدون رأس مال! هل شعرت بالإحباط؟ تعال إذاً إلى الإجابة المفصلة..
أولاً يجب أن تعرف أن رأس مال أي عمل هو ليس النقود فقط، وعلى الأرجح هذا ما كنت تقصده بسؤالك، فهناك أنواع كثيرة من “رؤوس الأموال”، لعل أهمها هو “الإرادة”، “السمعة” و “القدرة” وآخرها “المال”
تخيل معي مثلاً أن رجلاً معروفاً مثل إلون مسكElon Musk اليوم أو بيل جيتسBill Gates أراد أن يقوم بمشروع جديد اليوم، هل تعتقد أنه بحاجة إلى أموال؟ أم يكفي أن يطرح فكرة مشروعه كي يجد ملايين الناس المستعدين للتمويل؟
لم يأت هذا الأمر من الفراغ طبعاً، فرجل مثل هؤلاء الرجال، رأس ماله الذي يكفيه هو سمعته وقدراته إضافة إلى الفكرة نفسها والتي بالتأكيد ستكون متناسبة مع سمعته وقدراته.
رأس المال هذا (السمعة و القدرات) لا يكتسب للأسف بين يوم وليلة، بل يحتاج إلى جهد طويل ونضال كبير كي يثبت صاحبه أنه “أمين” فيثق الناس به ويعهدون إليه بأموالهم كي ينميها لهم وأنه”قوي” فهو قادر على تنميتها، ولعلك الآن فهمت كيف اختير سيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام كي يكون عزيز مصر وهو الذي لم يكن يملك شيئاً
إليك قصتين أيضاً من تاريخنا الإسلامي، القصة الأولى عندما هاجر عبد الرحمن بن عوف مع المهاجرين، إلى المدينة المنورة، خرج من مكة ليس معه شيء وهو التاجر المليء الثري في قريش، وعندما آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين و الأنصار، عرض عليه أخوه الأنصاري سعد بن الربيع وكان من أثرياء المدينة أحد زوجتيه ليتزوجها وأن يقتسم معه نصف ماله، فكان رده، “بارك الله في أهلك ومالك ولكن دلني على السوق” هكذا وبكل اطمئنان وثقة وبساطة، لأن عبد الرحمن يعرف أن سمعته كتاجر أمين وناجح تكفيه أي يبدأ التجارة بدون أي مال، فيشتري بالآجل ويبيع.
طيب ماذا لو أنني لم أملك هذه السمعة، وهذه القدرة؟
عندها تجيبك القصة الثانية في الحديث المشهور، الرجل الفقير الذي جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله من الصدقة، فأمره أن يبيع بعض الحاجات البسيطة التي لديه في البيت، ثم يشتري فأساً ويذهب ويحتطب، فها هنا كان رأس المال الأساسي المطلوب هو “الإرادة” و”الأداة”، عندها تكفيك دراهم قليلة تشتري بها أداة بسيطة (قد تكون في عصرنا الحالي جهاز حاسب متواضع تبدأ به بعض الأعمال على الانترنت كإدخال بيانات أو ترجمة أو غيرها، أو مفرش تضع عليه بعض العطور البسيطة تعرضها على الناس، أو “شاهي جمر”)
الخطوة الأولى عزيزي السائل تكمن في أن تعرف رأس مالك الحقيقي، وكيف تنميه، ومن ثم ترى الطرق كلها تفتح أمام عزيمتك
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
اشكرك اخي الكريم على هذا الموضوع المفيد .وارجو الإكثار من تناول مثل هذه الموضوعات التي تحفز الإنسان
وجزاكم الله خيرا
وإياكم يا رب العالمين