دعني أيها القارئ العزيز أستفتح بسؤال: هل أنت سعيد في عملك؟ أنا أعلم أن هذا السؤال سوف يكون صادمًا لدى الكثير منكم والكثير ربما لم يخطر على باله هذا السؤال قط، بل وربما أجاب البعض “الحمد لله أنه لدي عمل على الأقل”.

 

قد تختلف معايير السعادة في العمل لدينا، البعض قد يقيس سعادته في العمل بالمرتب الذي يحصل عليه والفوائد الإضافية وما إلى ذلك والبعض الآخر قد يقيس سعادته في العمل بالمنصب الذي يتمتع به والمكتب الفخم الذي يشغله. قد يظن البعض أن السعادة في العمل هي ألا أعمل، وآخرون قد يظنون أن السعادة في العمل هي عدم الارتباط بساعات عمل محددة وهلم جرًا…

 

دعني أعطيك تعريفي للسعادة في العمل، هل سبق أن صحوت تلقائيا قبل الساعة المحددة للعمل وكنت تنتظر بفارغ الصبر وقت الذهاب؟ هل تترك العمل عندما تدق الساعة معلنة انتهاء وقت العمل، أم ربما تتأخر طوعًا لإنجاز بعض المهام الموكلة إليك؟

 

لعلك فهمت ما أرمي إليه، عندما تكون سعيدًا في العمل تجد نفسك تتشوق إلى وقت الذهاب إلى العمل، ولا تمانع من العمل ساعات طوالًا، بل ولعله إذا أتيحت لك الفرصة، تذهب إلى العمل حتى في أوقات الإجازات والعطل الرسمية. لعلك تظن أخي القارئ أن هذا من الخيال؟ أبدًا وعلى الإطلاق، فأنا أعرف شخصيًا الكثير ممن يقومون بذلك بالفعل، وأكثرهم حقيقة هم رواد الأعمال entrepreneurs ولكن يوجد أيضًا من فئة الموظفين العاديين من هو سعيد حقًا بالعمل لدى شركته للدرجة التي ذكرتها.

 

كيف يمكن تبرير ذلك، ولماذا تكون القلة القليلة من الناس سعداء، بينما يجر الآخرون أرجلهم جرًا للذهاب للعمل ويحتفلون عندما يحصلون على إجازة؟ الجواب بكل بساطة يكمن في سؤال آخر، أنت لماذا تعمل؟

 

إن كنت تعمل لأنه يتوجب عليك العمل للحصول على مصدر رزق، لأنه لديك أسرة تريد أن تطعمها، أو لكي تدفع فواتير الشوبنج لزوجتك المدللة أو ساعة الرولكس التي تنوي أن تشتريها وتتباهى بها أمام أصدقائك أو لتدفع تكاليف الإجازة القادمة في دبي، فأنت غالبا يا صديقي تعيس جدًا في العمل، بل أستطيع أن أصف هذه الحالة بـ “عبودية العمل”.

 

أما إن كنت تعمل، لكي تثبت لأقرانك ومدرائك قدرتك على الإنجاز والنجاح، وذكاءك ومهاراتك وتفوقك، فأنت غالبًا سعيد في العمل، ذلك أن الأمر كما ينسبه العالم ماسلو صاحب الهرم الشهير يحدده مستوى الاحتياج الإنساني الأساسي الذي يدفعك للعمل، المستوى الأدنى هو المستوى الفيزيولوجي، وهو عندما تعمل لكي تأكل وتشرب وتتكاثر، أما المستوى الأعلى فهو عندما تعمل لتحقق ذاتك وتحفر اسمك في التاريخ.

 

الشركات الناجحة هي تلك الشركات التي تستطيع أن تخلق لديك هذه الرغبة في تحقيق ذاتك من خلال العمل لديها، بأن تشعرك أنك كموظف شريك في النجاح وشريك في الإنجاز ولا مانع حتى أن تكون شريكًا في رأس المال، فالكثير من هذه الشركات يمنح موظفيه أسهمًا في الشركة كعلاوات ومكافآت.

 

فإذا كنت تتفق معي لحد الآن، فقل لي مرة أخرى، هل أنت سعيد حقًا في العمل؟ واذا كان الجواب بـ “لا” فهل تنوي الاستمرار في هذا العمل الذي يجعلك تشعر بالتعاسة؟ بالتأكيد لا أنصحك بذلك، ولكن إليك بعض النصائح التي تساعدك في أن تكون أكثر سعادة في العمل:

 

  • ضع لنفسك أهدافًا في العمل ولتكن محددة زمنيًا وتنافس مع نفسك لإنجازها، وفي كل مرة تحقق هدفًا، اصطحب عائلتك للاحتفال، السعادة في العمل يجب أن تتحول تلقائيًا إلى سعادة في البيت ومع الأسرة.
  • كل منا شخص فريد بحد ذاته، قد لا تكون الأذكى في بيئة العمل أو الأسرع أو الأقوى، لكنك فريد في شيء ما، اعمل على اكتشافه وتنميته، قد يكون هذا الشيء خُلقًا من أخلاق العمل كالأمانة والصدق، وقد يكون خلقًا إنسانيًا كالدماثة والطيبة، اكتشف ما لديك واعمل على تطويره.
  • تعلم أن تبني بيئة عمل صحية مع زملائك في العمل، حافظ على الابتسامة الدائمة والكلمة الطيبة والتعاطف مع الآخرين ومساعدتهم قدر الإمكان، وسيكون لديك شعور بأنك بين الأصدقاء وليس زملاء فحسب، ولا مانع أن تدعو بعضهم خارج أوقات العمل لمناسبات الاجتماعية أو لنشاطات ترفيهية.
  • لا تمكث في نفس العمل أكثر من سنتين، هذه نصيحة تعلمتها شخصيا على مر السنين، عندما تؤدي نفس المهام روتينيًا لمدة تتجاوز السنتين، يبدأ منحنى التعلم بالانخفاض لديك ويبدأ الملل والوهن بالتسرب إليك. اطلب من مديرك أن يعهد إليك بأعمال ومهام جديدة، أو اترك العمل ببساطة، إذا لم تتم ترقيتك
  • حافظ على عادة التعلم والتعليم المستمر، اقرأ كتابًا جديدًا كل شهر أو على الأقل مقالة كل أسبوع، اطلب من عملك أن يتم ترشيحك لدورات تدريبية، حاول أنت أن تعلم شخصًا شيئًا ما أو ترعى موهبة ما، فقدر كبير من السعادة يكمن في نجاح من كنت له يومًا معلمًا.
  • حافظ على التوازن بين العمل والأسرة، لو كان الخيار حتميًا بين الأسرة أو العمل، وقلما يكون كذلك إذا أحسنت التوفيق، تذكر أن الأسرة هي التي تدوم والعمل لا يدوم، فلا تخسر أسرتك على حساب عملك.

 

وأنتم أيضًا شاركوني نصائحكم، كيف تحاولون أن تكونوا دائمًا سعداء في العمل؟

 

2 thoughts on “لماذا أعمل؟

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: