عزيزي المدير، ما هو هامش الحرية الذي تمنحه لموظفيك؟

tannenbaum & Schmidt

بعض الأمور و المفاهيم النظرية لا تستطيع فهمها إلا إذا قارنتها أمثلة حقيقية وواقعية، وفي الحقيقة فإن من أهم الأمور التي أقوم بها عندما أقرأ إحدى النظريات الإدارية، أنني أبحث في ذاكرتي عن موقف أو أشخاص مروا بي يمكنني تطبيق ما قرأت عليهم، و كثيراً ما تسعفني ذاكرتي فعلاً في ذلك فأشعر بالسعادة و أنا أرى النظرية تتحول واقعاً مجسماً ثلاثي الأبعاد

إحدى النظريات المعروفة في الإدارة هي نظرية Tannenbaum and Schmidt و التي تتحدث عن أنواع التحكم التي يمكن أن يمارسها القائد على الفريق، و هي باختصار كالتالي:

Tell: أي أخبره بما يتوجب عليه أن يفعل، في هذه الحالة يقوم المدير أو القائد بإعطاء الأوامر بدون شرحها أو تبريرها (نفذ بدون اعتراض)

Sell: أي أقنعه بما يتوجب عليه أن يفعل، في هذه الحالة يقوم القائد بشرح تعلمياته للفريق و لم يتوجب عليهم القيام بهذا الأمر

Consult: استشر، في هذه الحالة يستشير القائد المرؤوس عما يتوجب فعله، ثم يقوم بإصدار الأمر له

Share: تشارك، في هذه الحالة يقوم القائد باستشارة المرؤوس و يشاركه في آلية اتخاذ القرار بحيث يكون القرار جماعياً

Delegate: فوّض، في هذه الحالة يفوض القائد المرؤوس باتخاذ القرار، و لكنه يتابع مراقبته للتأكد من أنه قام بالتنفيذ بشكل صحيح

Abdicate: تنازل، في هذه الحالة يتنازل القائد عن اتخاذ القرار تنازلاً كلياً و يترك الأمر لمرؤوسه بدون متابعة

Empower: اعط الصلاحية، في هذه الحالة يقوم القائد بتفويض الأمر لمرؤوسه، و لكنه يطلب منه مراجعته و طلب مساعدته في حال حصول مشكلة.

عندما قرأت هذه النظرية تذكرت عدداً كبيراً من المدراء الذين تعاملت معهم، و بالتحديد إحدى المؤسسات التي كان يأتي مديرها يومياً الساعة العاشرة صباحاً و يغادر الساعة الثانية ظهراً دون أن يرى أحداً ما عدا بعض المساعدين المقربين منه، و بعد أن يغادر تأتي التعليمات بالبريد الالكتروني أن افعلوا أو لا تفعلوا دون أن يفهم هؤلاء لم و ما هو الهدف و إلى أين نذهب.

ما كان يفعله هذا المدير كما هو واضح عملية تنازل Abdicate عن القيادة لمساعديه، و ما كان يفعله مساعدوه هو عملية Tell إعطاء أوامر فحسب، فماذا تتوقعون أن تكون النتيجة؟

  • إحباط كبير و انخفاض عام في معنويات الموظفين، إذ لا يعلمون لم يعملون و ما هي الأهداف التي يسعون لتحقيقها، و ما هي رؤية و رسالة الشركة
  • تحقيق نتائج سيئة في العمل ووصولها متأخرة إلى الإدارة العليا عندما يكون الوقت قد فات للإصلاح
  • استبعاد المدير نهائياً، وفي نفس الوقت المحافظة على مساعديه و بالتالي لا زالت المشكلة قائمة

ولعل هذا يذكرنا بنظرية X , Y للعالم مكريجور و التي تنص على وجود نوعين من المدراء، النوع X و هو المدير الذي لا يثق بموظفيه و بالتالي لا يفوض لهم و لا يعطيهم صلاحيات و يكون هامش الحرية الممنوح لهم في أقل المستويات أي Tell، أما المدير من النوع Y فهو المدير الذي يثق بموظفيه و بالتالي يمنحهم صلاحيات أعلى و يفوض لهم و يتركهم يتعلمون من أخطائهم.

عزيزي القارئ، إذا كنت مديراً أو قائداً إدارياً فتأكد تماماً ما هو نوع التحكم و الضبط المناسب لتمارسه مع مرؤوسيك، و إلا تفاجأت بما لا يرضيك من النتائج و المشاكل الإدارية في بيئة العمل، و تأكد أن لكل مقام مقال وقديماً قال العرب: “لا تكن صلباً فتكسر و لا ليناً فتعصر”

3 thoughts on “عزيزي المدير، ما هو هامش الحرية الذي تمنحه لموظفيك؟

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: